|
برنامج حلقات النقاش الساخنة
تداعيات فوز حركة حماس
بالانتخابات على القضية الفلسطينية وإسرائيل
1- المؤشرات التي سبقت إعلان النتائج ومكوناتها 2- لماذا فازت حماس في الانتخابات ؟ وهل كان الفوز المتوقع يصل إلى هذه النسبة ؟ 3- لماذا خسرت حركة فتح ومنيت بهزيمة غير متوقعة؟
4-
تقييم موضوعي لاستطلاعات الرأي الفلسطينية
في ضوء تجربة الاستطلاعات لانتخابات 5- ما هي ابرز الداعيات لهذا التحول في الرأي العام الفلسطيني وفي النظام السياسي على كل من: أ- البنية الفلسطينية الداخلية للسلطة الفلسطينية. ب- واقع وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. ج- عملية السلام. د- المقاومة الفلسطينية. ه- الانتخابات الإسرائيلية والسياسات الإسرائيلية المختلفة بما ذلك الاستقرار الأمني والاقتصادي. و- العلاقات العربية الفلسطينية وخاصة الأردنية منها. ز- تعامل النظام الدولي مع الواقع الفلسطيني الجديد ومحددات ذلك. 6- ما هي ابرز التوجهات التي توصي بها الندوة لبناء تجربة فلسطينية أكثر نجاحا في مختلف الجوانب الداخلية ومواجهة الاحتلال وبناء العلاقات الخارجية.
المشاركون
المحـتويات: في ضوء إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية، نظّم مركز دراسات الشرق الأوسط ليلة الخميس 26/1/2006، حلقة نقاشية لتحليل هذه النتائج، وخاصة ما يتعلق بالفوز الكاسح لحركة حماس، والذي فاق كل التوقعات التحليلية والاستطلاعية والتنظيمية لمختلف الأطراف، وذلك بهدف وضع الرأي العام العربي بصورة أسباب وتداعيات هذا الفوز، وتلمّس التحديات التي تواجهها حماس في حال استلامها للسلطة بعد هذه الانتخابات، وقد شارك في حلقة النقاش هذه نخبة من الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين.* وجاءت هذه الحلقة ضمن رغبة المركز في عمل عدة دراسات وتقارير للمستقبل، ولتحديد الرؤية المستقبلية، وتحديد الأسباب التي وقفت خلف فوز حماس وخسارة فتح، وما هو التقييم الموضوعي للانتخابات السابقة الرئاسية والبلدية، ولماذا تختلف استطلاعات الرأي، وما هي أبرز التداعيات على هذا التحول على الانتخابات القادمة، والعلاقات العربية مع حماس، مثل الأردن ومصر، والتعاون الدولي الأوروبي والأمريكي معه، ومواقف اللجنة الرباعية وإسرائيل، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وإمكانية إقامة حكومة تقوم على الشراكة الحقيقية بين الفصائل، بعد عقود من التفرّد الفتحاوي. وفيما يلي أهم المداولات التي غطّتها الحلقة. · أهمية الانتخابات الفلسطينية: تعدّ هذه الانتخابات الأولى التي تشارك فيها كافة التيارات والفصائل الفلسطينية، بكل اتجاهاتها السياسية والفكرية، باستثناء حركة الجهاد الإسلامي. خاصة وأنّها تتعلّق باختيار المجلس التشريعي، حيث اعتبر البعض أن نتائج الانتخابات البلدية السابقة التي فازت فيها حماس بنسب تتراوح بين 35-40% من الأصوات والمقاعد لا تعبّر بالضرورة عن التوجّه السياسي للمجتمع الفلسطيني، مستشهدين بالحالة الأسترالية، حيث فاز حزب العمال في الانتخابات البلدية، بينما سيطر حزب المحافظين في الانتخابات التشريعية، لكن نتائج الانتخابات البرلمانية الفلسطينية أكّدت المؤشر العام للانتخابات البلدية بتقدّم حركة حماس وتراجع حركة فتح، ولكن المفاجآت في حجم هذا التحوّل الذي بلغ أكثر من 27.6% في فرق الأصوات والمقاعد بين حماس وفتح لصالح الأولى، حيث حصلت حماس على 60.6% من مقاعد المجلس، بينما حصلت فتح على 32.6%. وقد مثّلت هذه الانتخابات ونتائجها صورة ديمقراطية ليس لها مثيل في منطقة الشرق الأوسط، وشكّلت سابقة في الوطن العربي، فلم تعد إسرائيل الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، حيث قدّمت هذه الانتخابات درساً مهماً للأمة العربية، وأثبتت بأنّ الشعوب العربية مهيأة وقادرة على ممارسة الديمقراطية، وهي تحت الاحتلال فكيف في حال كانت في دول مستقلة. وتعدّ هذه النقطة أمراً مضيئاً يسجّل لحكومة أبو مازن أولاً لالتزامها بتعهداتها بإجراء الانتخابات بصورة ديموقراطية ونزيهة، ويسجل للفصائل المسلحة ثانياً التي التزمت بالهدوء، وبإنجاح العملية الديموقراطية، وأعطت صورة مشرقة عن الشعب الفلسطيني، الذي انتخب وفقاً لأجندة وانتماءات سياسية، ولم تُشْترَ أصوات الناخبين كما في بعض الدول العربية، وهو ما دفع صحيفة الواشنطن بوست إلى القول أن الشعب الفلسطيني أثبت أنه لا يشترى بالمال!. · لماذا فازت حماس وفشلت حركة فتح؟ خَلُصَ المشاركون في الورشة إلى أن نتائج الانتخابات الفلسطينية، والمتمثّلة في فوز حركة حماس الساحق، وهزيمة حركة فتح، تعود إلى عوامل ثلاثة: 1. عوامل متعلقة بحماس. 2. عوامل متعلقة بفتح. 3. الظروف والبيئة المحيطة. أولاً: العوامل المتعلقة بحركة حماس لقد استطاعت حركة حماس أن تحقق هذه النتائج، التي لم تكن حتى ضمن توقعات الحركة نفسها، لجملة من الأسباب، أهمها: 1- دور حماس في المقاومة، حيث ضحّت حماس بالكثير، مما رفع من رصيدها الشعبي. وأثبتت الانتخابات نجاح برنامج المقاومة السياسي،حيث تلتف الجماهير العربية حول المقاومة في فلسطين خاصة، وغيرها من دول المنطقة، وأثبتت أن نجاح حماس في المقاومة يقابلها نجاحها الاجتماعي والسياسي. 2- التأثير الديني الإسلامي في الثقافة العامة، فالدين له تأثير كبير، وخاصة في ظل فشل التجارب السابقة كالقومية واليسار، إضافة إلى تشجيع الدين الإسلامي للمقاومة وتقديم الخدمات الاجتماعية. 3- قدّمت حماس برنامجاً شاملاً على المستوى السياسي والاجتماعي، ولم ترتبط شخصياتها بالفساد كما هو الأمر بالنسبة لحركة فتح وفق وجهة نظر كثير من المحللين واستطلاعات الرأي الفلسطينية. 4- الخدمات التي قدمتها للمجتمع الفلسطيني، والمتمثلة في توزيع المعونات والخدمات الاجتماعية المختلفة للمحتاجين والمتضررين جراء العدوان الإسرائيلي. وقد استطاعت حماس طرح برنامجها مبكراً عن طريق دخولها في الانتخابات البلدية أولاً، وهي ذات طابع خدماتي. وكان لمؤسساتها الخيرية والاجتماعية دور أساسي في مساعدة المجتمع الفلسطيني، لدرجة أن بعض الجهات الأوروبية والأمريكية اضطرت إلى توزيع مساعداتها عن طريق هذه المؤسسات، وهذا المنهج هو الذي تتبعه بقية الحركات الإسلامية في مختلف البلدان، مما يجعلها بديلاً اجتماعياً واقتصادياً عملياً للأوضاع الرسمية الفاسدة. 5- الانضباط داخل صفوف الحركة، فهي لم تشهد ما شهدته حركة فتح من انشقاقات في قوائمها الانتخابية، وفي مرشحيها، وهو ما شجّع الشارع الفلسطيني على اختيارها كقيادة للمرحلة القادمة.. 6- ساعد الموقف الأمريكي والإسرائيلي الرافض للتعامل مع الحركة إلى ردّ فعلٍ عكسي لدى الناخب الفلسطيني، والذي اختار ما رفضته إسرائيل والولايات المتحدة، ناهيك عن رفضه لمن يرتبطون بأجندات هذه الأطراف، خصوصاً بعد ما كشفت المعلومات عن تمويل أجنبي لبعض المرشحين ومنهم مرشحين من حركة فتح. 7- قدّمت حماس برنامجها السياسي بطريقة ناضجة، وطرحت مواضيع الهدنة والمفاوضة عن طريق طرف ثالث، إضافة إلى التمسك بخيار المقاومة في حال استمرار إسرائيل برفض إنهاء الاحتلال، والشعب الذي انتخب حماس يُدرك أنها تدرك اللعبة الدولية والوضع الدولي، وقرر بأنها الأكثر أمانةً، لتحمل المسؤولية وتمثيله في ظل هذه الظروف لتحقيق حقوقه والتمسك بها على صعيدي المقاومة والعمل السياسي . وبذلك مثلت حماس للشعب الفلسطيني قيادة أمينة تهتم بشؤونه وترعاها، وتسعى لخدماته، وتلتزم بشعاراتها ومواقفها السياسية وتدافع عنه وعن أرضه بالسلاح، وقدمت قياداتها ثمناً لصمودها ودفاعها عنه، وأنها حركة سياسية واجتماعية تملك رؤية وبرنامجاً واضحين ما يجعلها مؤهّلة للقيادة ولمواجهة التحديات الكبيرة. ثانياً: العوامل المتعلقة بحركة فتح 1- لقد أدّى غياب أبو عمار إلى تمزّق حركة فتح، حيث كان عرفات قادراً على جمع الأطراف المختلفة للحركة بعكس أبو مازن، وقد لوحظ ذلك بشكل رئيسي من خلال القائمة التي ترشحت أول الأمر برئاسة مروان البرغوثي، والتي كادت تؤدّي إلى انشقاق في حركة فتح، ورغم الجهود التي بذلتها الحركة لمعالجة المشاكل الداخلية، إلاّ أن جهودها لم تنجح، ناهيك عن أن اتجاه فتح المقاوم لم يعط مرشحي الحركة وقائمتها سنداً، حيث حظيت فتح بتأييد وطني عام وصل إلى 40% ، في حين حصلت حماس على 45.5% . 2- وقد أثّر الفساد الذي شهدته السلطة خلال السنوات السابقة على شعبية الحركة بشكل كبير، وأحدث الكثير من المطالبة بالتغيير، داخل الحركة أولاً، وفي الشارع الفلسطيني ثانياً. ورأى بعض المشاركين في الندوة أن نسبة من الأصوات التي ذهبت إلى حماس والمتعلقة برفع نسبتها عن التوقعات والبلديات، لم تأتِ إليها حبّاً ورغبة في برنامجها الانتخابي، بقدر ما هي رفض لبرنامج وقيادة حركة فتح. وقد أدّى هذا الفساد إلى مطالب واسعة داخل حركة فتح لتأجيل الانتخابات، وخاصة من قبل القدومي وقريع، بدعوى أنه لا يجوز إجراء الانتخابات في ظل الاحتلال، وفي ظل الموقف الأمريكي والإسرائيلي... الخ، وبالطبع خوفاً من خسارة فتح لمواقعها القيادية في الشعب الفلسطيني. 3- صوّت الشعب الفلسطيني في هذه الانتخابات ضد البرنامج التفاوضي لحركة فتح، حيث أدرك المجتمع الفلسطيني فشل عملية السلام، وأن الطرف الإسرائيلي لم يقدّم شيئاً يوازي التنازلات الكبيرة التي قدمتها فتح عبر السلطة، كالاعتراف بإسرائيل وحقها في احتلال 78% من أرض فلسطين. 4- غياب الديموقراطية داخل حركة فتح، حيث عُقد آخر مؤتمر للحركة عام 1988، ولذلك فهي لم تجدد قياداتها وتنظيماتها، مما أوجد فجوة بين قياداتها وقواعدها والجماهير. ثالثاً: الظروف والبيئة المحيطة أدى الجو العام الذي يسود المنطقة العربية والرافض للتدخل الأمريكي في المنطقة، إلى تعزيز فرص حركة حماس في الحصول على ثقة الناخب الفلسطيني، حيث كانت حماس تقدّم برنامجاً لا ينسجم مع المطالب الأمريكية والإسرائيلية، رغم علم الناخب الفلسطيني بالصعوبات التي قد تصيبه نتيجة لقطع المعونات الغربية عنه في حالة التصويت لحماس، حسب التهديدات الأوروبية والأمريكية العلنية، ومع ذلك فقد قرر إعادة الاعتبار لنفسه واختيار برنامج المقاومة والصمود ووقف التنازلات الذي تمثله حماس. كما أسهم الموقف السلبي لإسرائيل والولايات المتحدة في التعامل مع السلطة الفلسطينية، ومع قيادة أبو مازن تحديداً، حيث أضعفها أمام شعبها، وقلل من إمكانياتها في إقناع المجتمع الفلسطيني بجدوى الخيار السلمي الذي اتبعته على مدار اثني عشر عاماً منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وساهم ذلك في تشجيع الشعب الفلسطيني لاختيار حماس غير المرتبط خيارها بالموقف الأمريكي أو الاسرائيلي . كما استطاعت حركة حماس أن تستفيد من ضعف بقية التنظيمات الفلسطينية، والتي ظهرت ضعيفة بشكل واضح في هذه الانتخابات، حيث مثّلت حماس بديلاً لبعضها ومتقدما على بعضها الآخر، ما جعل بديل فتح الطبيعي هو حركة حماس. كما كان لأجواء المنطقة الداعية إلى الإصلاح والانتخابات دور في خلق قناعات وأفكار بأنه لا يكفي العمل المسلح وحده في صفوف حماس، بل لابدّ من الدخول في بناء النظام السياسي لتحقيق الحماية للمقاومة، وقيادة الشؤون الوطنية للشعب الفلسطيني وأهمها المشاركة في القرار السياسي حسب تعبيرات حماس. وبطبيعة الحال فإن تقدم حركة حماس الكبير يعدّ جزءاً من تقدم الإسلام السياسي في المنطقة بشكل عام، حيث أثبتت صناديق الاقتراع أن الجماهير تقف خلف برامج وقيادة الحركة الإسلامية في العديد من الأقطار العربية والاسلامية لاعتبارات متعددة. أثبتت نتائج الانتخابات أن معظم استطلاعات الرأي كانت موجّهة، بدليل الفارق الكبير بين النتائج والتوقعات، إلاّ أن بعض المشاركين في الحلقة رأوا أن نتائج هذه الاستطلاعات أدت إلى نتيجة مغايرة لأهداف من يقف خلفها، حيث ساهمت في رفع درجة التحدي لدى أنصار حماس، بينما دفعت أنصار فتح إلى الاطمئنان. ويمكن القول أن مراكز الدراسات واستطلاع الرأي في فلسطين ما زالت ضعيفة، وتعاني من التهديد، الذي قد يصل إلى القتل، إذا عملت في أجواء نزيهة، وبرغم الترحيب بظاهرة تجربة الاستطلاعات غير أن الورشة دعت إلى إعادة النظر في أسباب ابتعاد هذه الاستطلاعات عن حقيقة توجّه الجماهير لتصل نسبة الخطأ فيها إلى 25% أحياناً، بدلاً من 3-5% كما هو معروف دولياً . أولاً: على المستوى الفلسطيني أكدت نتائج الانتخابات أن المجتمع الفلسطيني قد شهد تحولات مهمة، وبرزت فيه قوى اجتماعية جديدة لم تكن معروفة، مثل منظمات المجتمع المدني، والتي أثرت في العملية الانتخابية بقوة. كما يتوقع أن تستمر المقاومة بالتوازي ما بين العمل السياسي والعسكري، في ضوء التوقعات بأن إسرائيل ستصعد من عنفها، ويمكن لإسرائيل أن تعتقل أو تغتال قيادات حماس في التشريعي للتأثير عليها. ويتوقع أن ترتد فتح على نفسها لتزيل العوائق وتحارب الفساد، وقد تخرج النخب الفتحاوية من فتح من العمل الفلسطيني خلال الفترة القادمة. كما يمكن أن تنجح حماس في إحداث تغيير في بنية منظمة التحرير الفلسطينية، لإيجاد منظمة أكثر توازناً، وتمثل كل الشعب الفلسطيني لتقود حماس الشعب في الداخل والشتات بشكل متوازن. ثانياً: على المستوى الإسرائيلي سيؤدي فوز حماس إلى رفع مقاعد حزب الليكود بزعامة نتنياهو ولن يؤثر على حزب كاديما في الانتخابات الاسرائيلية القادمة في نهاية آذار/مارس 2006، وربما تكون هناك حكومة بزعامة حزب كاديما في إسرائيل وأخرى بزعامة حماس في فلسطين. كما سيزداد ميل المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الذي يعتقد أنه سيواجه حماس، بحجة أن عملية السلام سوف تتوقف بوجود حماس. وستعمل القيادة الإسرائيلية على زيادة تطرفها في التعامل مع الفلسطينيين، لتظهر بمظهر المدافع عن عملية السلام، وتقول للعالم إن وجود حماس منع استمرارها في تقديم المبادرات، على قاعدة عدم وجود الشريك واللجوء إلى خيار فك الارتباط أحادي الجانب . ثالثاً: على المستوى العربي 1- ستنتشر ظاهرة الخوف من الانتخابات في الدول العربية، التي قد تخشى من كل ديمقراطية، بل ستعمل هذه الحكومات على وضع العراقيل أمام العملية الانتخابية، خشية انتشار الديموقراطية الفلسطينية الحرة، والتي قد توصل إلى البرلمان من يخالفون الحكم واتجاهاته العامة. 2- سيخدم مجيء حماس القوى السياسية الأكثر جذرية في كل من سوريا ولبنان والأردن، والتي ستستفيد من تجربة حماس في الوصول إلى السلطة كما سيخدم اتجاهات اختيار قوى الاسلام السياسي المعتدلة والمقاومة للوصول إلى قبة البرلمان وربما الحكومة بعد ذلك في مختلف أنحاء العالم الاسلامي، وستعمل هذه التجربة على تحجيم مشاريع ومؤسسات وشخصيات الفساد في الحكومات القائمة خوفاً من أن تلقى نفس مصير مثيلاتها في السلطة الفلسطينية خلال السنوات الاثني عشر الماضية. 3- أثبتت النتائج أن قرار الحكومة الأردنية عندما أغلقت مكاتب حركة حماس في عمان ورفضت عودة قادتها، بمبرر أنه لا يوجد حزب داخل الأردن لدول أخرى، وأنه ليس للأردن أي دور في فلسطين مع عرفات أو ابو مازن، أنه كان خاطئاً إلاّ أن المتوقع أن الأردن يعيد النظر بعلاقاته بحركة حماس التي أصبحت خيار الشعب في قيادة المرحلة لأربع سنوات قادمة، وهو ما استقرأت مؤشرات له بعيد اعلان النتائج . سوف توفر قيادة حماس للسلطة ومنظمة التحرير من بعدها فرصة للدول العربية لتصليب موقفها خلف الخيار الفلسطيني الشعبي والرسمي، وستخدم ذلك لمقاومة الضغط إزاء التطبيع المجاني، وسيتراجع إثر الضغط العربي على الرسمية الفلسطينية لتقديم مزيد من التنازلات للجانب الاسرائيلي . رابعاً: على المستوى الدولي 1- سيؤدي نجاح حماس الى تقليل الضغوط على كل من سوريا وايران. 2- ستعيد الولايات المتحدة حساباتها لاستعادة علاقاتها مع دمشق واستخدامها للوصول إلى قواسم دنيا مشتركة مع حماس. 3- رغم التصريحات الأمريكية والإسرائيلية والأوربية المتخوفة من فوز حماس، إلاّ أن الولايات المتحدة صرّحت في أكثر من موقف أنه يمكن إقامة السلام بوجود حماس، وصرّح جورج بوش بأنه حريص على قبول حكومة تقودها حماس، مشترطاً عدم إعلان نيتها تدمير إسرائيل. ومع الاعتقاد أن حماس ستتعامل مع المجتمع الدولي بحكمة، فإنه من المتوقع أن يعيد النظام الدولي النظر في موقفه من حماس، خصوصاً بعد استقرار الحكم لها واتضاح برنامجها السياسي تلمس اتجاهات الإصلاح والواقعية فيه حسبما أعلنت حماس، خلال الأشهر الثلاثة الأولى لتولي الحكومة. 4- فوز حماس سيخفف من حرب امريكا على الإرهاب، لأنّ حماس التي تصنّف كحركة إرهابية لدى أمريكا استطاعت الفوز شعبياً، وهو ما يصعّب من مهام الولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما قد يدفعها للتفكير بمستقبل مصالحها في العراق وأفغانستان، وهل يمكن لها التفاهم مع حركات المقاومة في كل منها بدلاً من الإصرار على استمرار خوض المعارك العسكرية والأمنية الفاشلة معها..؟. لا تزال فتح رغم خسارتها في الانتخابات تشكل ثقلاً مهماً، وقد تحاول قطاعات منها وضع العراقيل أمام حركة حماس، وعندما تصر فتح أنها لا تريد أن تشارك في حكومة وحدة وطنية فهي بذلك تضع العراقيل، وهذا ما قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات داخل الساحة الفلسطينية. والسيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة، هي: · أن تشكل حماس الحكومة · أن تدعم مرشحا مستقلا وتشكل الحكومة · ان تقبل تشكيل حكومة من فتح ضمن برامجها. وتوقع بعض المشاركين أن تقوم حماس بتقديم برنامج أكثر براغماتية ينسجم بصورة أساسية مع ثوابت الشعب الفلسطيني لكن لغته وخياراته معاصرة ومنفتحة، حيث يمكن أنْ يستوعب المطالب الأوربية والأمريكية، ويفتح طرقاً للحوار معهم، ولدى حماس نماذج إسلامية عديدة يمكن لها الاستفادة منها، مثل حزب الله وحزب العدالة والتنمية التركي والجبهة الاسلامية القومية في السودان وغيرها. ودعا المشاركون حركة حماس إلى أن تمارس وتدير العملية السياسية بحكمة، فالمشهد الفلسطيني سريالي، حيث أن رئيس السلطة من فتح، والحكومة والتشريعي من حماس، والأمن من فتح، وذلك حتى لا تنفجر الساحة بأيدي العابثين وبعض الأطراف الإقليمية والدولية المتضررة إضافة إلى اسرائيل. وقدر المشاركون بأن فتح ستعمل على تكتيك عدم المشاركة في الحكومة لابتزاز حماس، على اعتبار أنها لا تمتلك الخبرات والكفاءات. وفي المقابل فإن حماس ينبغي أن تقوم بتكتيك معاكس، بالإصرار على مشاركة الجميع في الحكومة. وبالتوازي مع مفاوضات تشكيل الحكومة، فإنه ينبغي القيام بتكتيكات عدّة فيما يخص واقع وقيادة منظمة التحرير، وحماس كانت تعمل منذ بيان القاهرة (مارس 2005)، لإعادة بناء المنظمة، ويتوقع أن تكون اليوم أحرص على قيادتها من السابق. كما أكدوا أن حماس أن تقوم بمراجعة الاتفاقات السياسية مع الاحتلال، ولكن دون إلغائها بالكامل فوراً، وذلك على قاعد مصالح الشعب الفلسطيني. وتوقعوا أن تكون المعضلة أمام حماس في كيفية التعامل مع الاجهزة الامنية، فالمفروض لها ان تكون تابعة لوزارة الداخلية، فهل تبقى للداخلية (أي لحماس)، ام سيرأسها ابو مازن؟. حيث أن قوة فتح ليست ربع المجتمع الفلسطيني حسبما أشارت نتائج الانتخابات، ولكن قوتها بنفوذها في الأجهزة الأمنية التي تسيطر عليها. ونصح المشاركون أن تركّز حماس على الأمور الجوهرية والرئيسية التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني كالاحتلال والبطالة، وليس على القضايا الصغيرة في المجال الاجتماعي والتحوّل الثقافي. وسيكون على حماس التعامل مع عدد من الاستحقاقات، من أهمها استحقاق قانوني سياسي يتعلق بمنظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وحماس لابد لها ان تقدر هذا الاستحقاق، فالمجلس التشريعي قد لا يستطيع أن يغير في الاتفاقيات إذا وقعتها منظمة التحرير، وليس السلطة أو المجلس. كما أن هناك اشكالات بين المجلس وصلاحياته وبين صلاحيات منظمة التحرير، فالحل ينبغي أن يكون في دخول حماس إلى المنظمة، ومعالجة قضية الميثاق الوطني الذي ألغي ولم يقترح له البديل. كما أكد المشاركون على الاستحقاقات الأخرى المتعلقة بوجود حماس في السلطة التشريعية والتنفيذية حيث يستتبع متابعتها للقرارات القانونية للامم المتحدة، وخصوصا فيما يتعلق بالحدود واللاجئين والقدس. كما أن هناك إشكالية المفاوضات مع إسرائيل، حيث أعلنت حماس قبولها بالتفاوض غير المباشر، حسب تصريحاتها الأولية، بما يعطي مؤشراً على مخرج سياسي متميّز لاستمرار موقفها برفض التفاوض مباشرة مع الاحتلال بحجة أنه لم يقدم أو يعرض شيئاً يمكن اتخاذ موقف إزاءه . وعلى حماس أن ترسل رسائل التطمينات إلى الداخل الفلسطيني والخارج العربي والدولي لكي تضمن الاصدقاء وتضعف انعكاسات ردّة فعل الخصوم والاعداء. · المهام المناطة بحماس والعوائق المحتملة: يعتقد المشاركون أن أمام حماس مهام أساسية وعوائق محتملة أبرزها : 1- إعادة بناء البيت الفلسطيني على قاعدة الوحدة الوطنية، واستكمال هذه العملية التي حصلت في الداخل الوطني إلى خارجه عبر منظمة التحرير وغيرها . 2- البدء في عملية إصلاح شاملة، بدءاً من الاصلاح الديمقراطي والقضاء على الفساد، حيث لم تكن السلطة قادرة على ذلك، ولكن حماس لديها القدرة، لأن الشعب لم يعد يقبل بالسكوت على الفساد بحجة مقاومة الاحتلال وغير ذلك، وهو قد اختارها على قاعدة محاربة الفساد كما هو على برنامج المقاومة والاصلاح . 3- قد لا تستطيع حماس تنفيذ برامجها بسبب وضع العراقيل امامها ووضع المشاريع ضدها، فإسرائيل وضعت العقبات امام عرفات لإفشاله، فمهما كانت معتدلة فهل من المعقول ان توافق اسرائيل على السماح لها بالنجاح، في المستقبل يبدو أن حماس ستوضع أمام إشكاليات وتحديات كبيرة. 4- سوف تقوم وسائل الإعلام العربية والدولية بالتخويف من حماس واتجاهاتها الجديدة في الاصلاح والمقاومة ومحاربة الفساد، وذلك لمحاولة خلق رأي عام شعبي ودولي ضد مشروعها، ولكن نجاح حماس في برنامجها العملي الذي قد يتسم بالواقعية سيدمّر هذه الحملات، وسيزيد قناعة الشعب الفلسطيني بها ووقوفها خلفه . 1- ينبغي إدماج القوى الفلسطينية في أجهزة الأمن والادارة الفلسطينية، وتشكيل حكومة فلسطينية تضم كافة القوى. 2- على الدول العربية والجامعة العربية أن تدعم الحكومة الجديدة لإنجاح التحولات وإطلاق الديمقراطية في الوطن العربي، والمطالبة بقوانين انتخابية ديمقراطية. 3- دعوة حماس إلى تجميد عملية السلام من (6) أشهر إلى سنة لترتيب الوضع الداخلي والعلاقات العربية وتطمينها، خصوصاً في ظل ظروف الانتخابات الإسرائيلية والأمريكية التي تجمد فيها الحركة السياسية للقضية الفلسطينية باستثناء المزايدات والضغوط، وذلك بهدف اعطاء نفسها والآخرين فرصة لبلورة مبادرات ومواقف ورؤى ناجحة لكيفية التعامل إضافة إلى دراسة الاتفاقيات قانونياً وسياسياً بعمق وتبصر. 4- ضرورة إعطاء إشارات تطمينية واضحة في المقاومة والسياسة، عن طريق طرح مبادرة وحدة وطنية جديدة وواسعة. 5- الانفتاح على العناصر في فتح التي ترغب باستمرار المشاركة في إدارة المجتمع الفلسطيني أوالسياسية الفلسطينية أو مقاومة الاحتلال. 6- الدعوة إلى جلب الاستثمار الفلسطيني والعربي والدولي، حيث يقع عبء كبير على جامعة الدول العربية لتشجيع مختلف الأطراف على هذا الاتجاه. 7- على حماس أن تتقن الدبلوماسية، من أجل تصحيح الاختلالات التي حصلت في مؤسسات السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية 8- أن تركّز حماس على التوازن بين دورها في السلطة الرسمية والمحافظة على رصيدها الشعبي كحركة مقاومة. 9- العمل على إلغاء الانتماءات الحزبية داخل أجهزة الأمن ليتحول إلى أمن وطني بحق. 10- ترحيل ملف المفاوضات الى الخارج، والنفاذ الى العالم العربي والتعامل مع العرب والانفتاح على النظام الدولي. 11- الاستقواء بدول كبرى كالصين وروسيا، ونامية من خارج الوطن العربي لا تتفق والسياسة الأمريكية خصوصاً مثل تركيا وايران وشرق آسيا، وكذلك دول أمريكا اللاتينية. 12- الحكمة في اختيار الأولويات الداخلية والخارجية والتوازن بين برنامجي المقاومة والتسوية، واتخاذ قاعدة المشاركة السياسية من الجميع لمصلحة الجميع وعدم الاستفراد بالسلطة والقرار كما فعلت فتح من قبل. هذا فقد استمرت حلقة النقاش أكثر من ثلاث ساعات، أكد المشاركون فيها الحاجة إلى حلقات نقاش أكثر تخصصاً في الجوانب التي تم طرحها بعد تشكيل تصورات مبدأية ورصد ردود الأفعال المختلفة على هذا التحول ودعوا المركز لتنظيم ندوة موسعة لبحث هذا الأمر خلال الشهرين القادمين.* أ.د.أحمد سعيد نوفل (أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك)، ود.أنيس قاسم (المحامي والخبير القانوني)، ود.صبري سميرة (أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية)، وأ. فالح الطويل (عضو مجلس الأعيان الأردني، والسفير الأردني الأسبق)، وأ. عرفات حجازي (الكاتب والصحفي، ومستشار الرئيس ياسر عرفات الأسبق)، وأ. ليلى خالد (عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني)، وأ. شاكر الجوهري (مراسل وكاتب صحفي)، وأ. حسن حيدر (مدير مكتب وكالة قدس برس في عمان)، وأ. "محمد شريف" الجيوسي، الكاتب والصحفي، وأ. محمد العباسي (باحث متعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط)، وأ. عبد الله الحراحشة (باحث متعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط)، وأ. سمير ياسين (باحث متعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط).
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
---|