|
برنامج حلقات النقاش الساخنة
تداعيات المشروع الإسرائيلي في الفصل
الأحادي الجانب وبناء جدار الفصل العنصري
وبرنامج مواجهته
المشاركون
مثّل المشروع الإسرائيلي حول الفصل أحادي الجانب وخطة بناء جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة منعطفاً استراتيجياً وخطراً في الصراع الدائر بين الجانبين، حيث تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض الأمر الواقع بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية من جهة، وبعيداً عن مسارات التفاوض لعملية السلام الجارية أو مشروع خريطة الطريق، كما أنها بذلك تتجاوز وتخرق التزاماتها بالاتفاقات التي وقعتها مع كل من مصر في كامب ديفيد عام 1979، وأوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية في 1993 وبعدها، ووادي عربة مع الأردن في عام 1994، وهي بذلك توجه ضربة قاصمة لعملية السلام وتطلعات الحل السياسي للصراع أو لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ، متجاهلة بذلك النظام الدولي وتوجهات العالم الحديث بالدعوة إلى السلام والأمن والتزام القانون، ما يشكل تهديداً للأمن والسلم العالمي في منطقة الشرق الأوسط. كما ينتهك الجدار المادة (46) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على عدم جواز نقل السكان الذين احتلت أراضيهم، أو تهيئة ظروف تشجّع على انتقالهم، إضافة إلى تفتيت الإقليم، وبالتالي لم تعد هناك وحدة إقليمية تصلح لممارسة سيادة إقليمية وإقامة دولة. على صعيد آخر فقد مثلت هذه الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة التي شرعت بتنفيذها في حزيران/ يونيو 2003، اعتداء صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني وانتهكت حقوقه الأساسية التي كفلتها شرعة حقوق الإنسان بالأمن والمأوى وحرية الحركة والتعليم والصحة، حيث تصادر قوات الاحتلال ما يصل إلى 43.5 % من الضفة الغربية وتخلع الأشجار وتجرف الأراضي والمزروعات والثمار، كما تعزل ثلاثة أرباع المليون من الفلسطينيين في معازل عنصرية تمزق أراضى الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها، ، وتفصل بين السكان ومزارعهم وتمنعهم من دخولها إلا بتصاريح خاصة يكتب عليها "مزارع غير مالك" في إشارة إلى مصادرة هذه الأراضي لصالح سلطات الاحتلال. كما تدعو الخطة الإسرائيلية إلى إقامة جدران حول كل مستوطنة يهودية لم يتم ضمها غرب الجدار من مستوطنات الضفة الغربية، وسيؤدي ذلك إلى توسّع كل مستوطنة إلى حوالي ستة أضعاف حجمها الحالي، وهي بذلك تعيق تطبيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني حسب القانون الدولي ، كما تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة للحياة متواصلة جغرافياً في الضفة الغربية،لتصل خطة الفصل في نهاية المطاف إلى 1000 كم من الجدران الفاصلة. ولن يتبقى للفلسطينيين في منازلهم سوى 30% من مساحة الضفة الغربية عدا القدس. وقد تمكّنت هذه الاستراتيجية من شل قدرات السلطة الفلسطينية ومنعها من القيام بمهامها وواجباتها التي نصت عليها اتفاقات أوسلو المدنية منها وغير المدنية، وبذلك حالت سلطات الاحتلال دون تقديم أي خدمات إنسانية لسكان المناطق الفلسطينية المختلفة شرق الجدار وغربه في هذه المعازل، كما تكون قد أنهت اتفاق أوسلو عملياً. وتشير الدراسات والحوارات التي أجراها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان، إلى أن بناء جدار الفصل العنصري تنطبق عليه صفة جريمة الحرب وفق المادة 8 من قانون المحكمة الجنائية الدولية، خاصة وان الخدمات الأساسية من ماء وطعام ومواد التدفئة البترولية والغاز والوصول إلى المستشفيات والالتحاق بالجامعات والمدارس أصبحت خدمات غير ممكنة في أغلب الحالات وعسيرة في بعضها، ما يعتبر جريمة حرب ضد الإنسانية تهدف إلى الترحيل القسري بالتجويع والحرمان أو إلى السماح بتفشي الجهل والأمراض والمجاعات في هذه المعازل، ولعل ما تم بخصوص مدينة قلقيلية، التي تحوّلت الآن إلى سجن له بوابة واحدة للدخول والخروج، بعد مصادرة 6200 دونم من أراضيها وسجن سكانها البالغ عددهم 45 ألفاً، وقرية جيوس، وقرية كفر الديك، أمثلة صارخة على هذه الجرائم غير الإنسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين . ويتسبب الجدار في معاناة حقيقية للفلسطينيين، تتمثّل في صعوبة انتقال التلاميذ والطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم، وعزل الفلسطينيين الموجودين شرق الجدار عن مزارعهم وآبارهم غربه، وسيؤدّي الجدار إلى عزل السكان الفلسطينيين، وإلى حرمانهم من حقّ المسكن والغذاء… وهو انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية من قبل سلطات الاحتلال. جاء ذلك في حلقة النقاش التي عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان يوم السبت 24/1/2004، والتي شارك فيها نخبة من الخبراء والمختصين الفلسطينيين والعرب حول هذا الموضوع. وأظهرت حلقة النقاش أن الهدف الإسرائيلي المعلن بتحقيق الأمن لا يصمد بسبب هذا الجدار أمام المقاومة الفلسطينية كما أثبتت التجارب السابقة، وأكد المشاركون أن الأهداف الاستراتيجية الاستيطانية والهادفة إلى طرد السكان والقضاء عليهم وإحلال المستوطنين مكانهم لمنع أي عودة ممكنة لعدد من اللاجئين إلى أراضي الضفة الغربية التي أصبحت مساحتها ومواردها بسبب الخطة الإسرائيلية لا تكفي للسكان الحاليين، حيث ستقوم بعملية إعادة انتشار لقوات الاحتلال غرب الجدار. كما تهدف في الوقت ذاته إلى منع النمو السكاني الفلسطيني في هذه المعازل عبر منع القرى والمدن من التمدد العمراني ، وتراجع الموارد الغذائية ، والخدمات الإنسانية الأساسية للسكان. وتناولت الندوة الآفاق القانونية للمشروع ، منوهة بأهمية تحويل الجمعية العامة للأمم المتحدة الشكوى العربية إلى محكمة العدل الدولية، والتي طلب منها تقديم رأي استشاري حول قانونية الجدار، ويتوقع المحللون والخبراء المشاركون امتناع المحكمة عن التقديم الاستشارة وفق لائحتها، كما أن قرارها أصلاً هو غير ملزم وإن كان يحظى بوزن سياسي مهم، وربما يصدر رأي للمحكمة يحمل طابعا سياسيا اكثر منه قانونيا بهدف إعطاء الفرصة للحلول الوسط حسب التوجهات الأوروبية في الجمعية العامة استنادا إلى عدم التناسب كما يطلق عليه قانونياً. وحول إمكانية مقاضاة إسرائيل بسبب هذا المشروع أظهرت الحوارات ان ثمة صعوبة تحول دون مقاضاتها في محكمة العدل الدولية من الناحية الإجرائية، فيما أكدوا على الفرصة المتاحة لمقاضاتها في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جريمة حرب حسب المادة (8) من قانون المحكمة. وقد دعت الندوة إلى ضرورة التعامل مع خطة الفصل وجدار الفصل العنصري على مختلف الصعد دون التقليل من شان أي مستوى سياسي أو قانوني أو إعلامي أو شعبي أو غيره، وأكدت على ضرورة تنسيق حملة دولية لمؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي والإسلامي وكل من أوروبا وأميركا لمناهضة هذه الاستراتيجية واتهام إسرائيل بارتكاب جريمة حرب ضد الإنسانية وتحديد يوم دولي للتظاهر ضدها. كما دعت الندوة إلى ضرورة زيادة التعاون بين الأردن والسلطة الفلسطينية فيما يتعلّق بالعمل الدولي والقانوني والسياسي، وتشكيل وفد برلماني من مجلس الأمة الأردني والمجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التشريعي الفلسطيني لشرح الموقف العربي في أوروبا والولايات المتحدة. مؤكدين على أهمية استمرار الحملات الشعبية والإعلامية الفلسطينية ضد الجدار بوصفها محفزاً لأعمال تضامنية عربية ودولية أوسع. كما أكدت على ضرورة رفض التعامل مع الجدار كقضية تفاوضية، فإزالة الجدار يجب أن تكون مطلبا مستقلا عن عملية التفاوض، وليس جزءاً منها. داعية في الوقت نفسه القانونيين والخبراء العرب ومنظماتهم إلى الضغط على محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية للقيام بمهامها الإنسانية والقضائية بنزاهة بمذكرة قانونية، تؤكد أهمية فصل المحكمة في القضية المعروضة عليها، وعدم الاستجابة إلى الضغوط السياسية من إسرائيل والولايات المتحدة وأطراف أخرى تهدف إلى منعها من ذلك، وأن امتناعها عن ذلك سيؤثّر سلباً على القضية الإنسانية العادلة للمتضررين من الجدار. كما شدد المشاركون على ضرورة قيام العرب بتقديم شكوى رسمية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، واستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين إسرائيل ويطالبها بإزالة الجدار وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بإنهاء الاحتلال. وشارك في أعمال هذه الندوة كل من الأستاذ جواد الحمد، والأستاذ حسن أيوب عضو لجان مقاومة الاستيطان في الضفة الغربية، واللواء طلعت مسلَّم الخبير الاستراتيجي العربي، والأستاذ عاطف الجولاني رئيس تحرير جريدة السبيل الأردنية، ود. محمد الموسى أستاذ القانون الدولي في جامعة آل البيت، والأستاذ الدكتور نظام بركات أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك.
|
|
||||||||||||||||||||||||
|
---|